فصل: أحاديث مختلفة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث مختلفة

- حديث آخر‏:‏ رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ ‏[‏ذكره في ‏"‏الموطأ - في الزكاة - باب جزية أهل الكتاب‏"‏ ص 121‏]‏ أخبرنا الزهري أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أخذ الجزية من مجوس البحرين، وأن عمر أخذها من مجوس فارس، وأن عثمان أخذها من مجوس البربر، انتهى‏.‏ وعن مالك رواه محمد بن الحسن في ‏"‏موطأه‏"‏، وابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ بسنده ومتنه، ورواه الدارقطني في ‏"‏غرائب مالك‏"‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن الحسين بن أبي كبشة ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فذكره، قال الدارقطني‏:‏ لم يصل إسناده غير الحسين بن أبي كبشة البصري عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك، ورواه الناس عن مالك، عن الزهري عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، ليس فيه السائب، وهو المحفوظ، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى البزار في ‏"‏مسنده‏"‏، والدارقطني في غرائب مالك‏"‏ من حديث أبي علي الحنفي ثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال‏:‏ ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أشهد لسمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ سنوا بهم سنة أهل الكتاب، انتهى‏.‏ قال البزار‏:‏ هذا حديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه، لم يقولوا‏:‏ عن جده، وجده هو علي بن الحسين، وهو مرسل، ولا نعلم أحدًا قال فيه‏:‏ عن جده إلا أبو علي الحنفي عن مالك، انتهى‏.‏ وقال الدارقطني‏:‏ لم يقل فيه‏:‏ عن جده ممن رواه عن مالك غير أبي علي الحنفي، وكان ثقة، وهو في ‏"‏الموطأ‏"‏ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ هكذا رواه في ‏"‏الموطأ‏"‏ من رواية يحيى بن يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر، فذكره، ورواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر به مرسلًا، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا ابن جريج عن جعفر به، ورواه إسحاق بن راهويه أخبرنا عبد اللّه بن إدريس عن جعفر به، قال ابن عبد البر‏:‏ هذا حديث منقطع، فإن محمد بن علي لم يلق عمر، ولا عبد الرحمن بن عوف، وقد رواه أبو علي الحنفي، وكان ثقة، واسمه عبد اللّه بن عبد المجيد، فقال فيه‏:‏ عن جده، ومع ذلك فهو منقطع، لأن علي بن الحسين لم يلق عمر، ولا عبد الرحمن بن عوف، ولكن معناه يتصل من وجوه حسان، انتهى‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وقد روي معنى هذا من وجه متصل، إلا أن في إسناده من يجهل حاله، قال ابن أبي عاصم، حدثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا أبو رجاء - وكان جارًا لحماد بن سلمة، ثنا الأعمش عن زيد بن وهب، قال‏:‏ كنت عند عمر بن الخطاب، فقال‏:‏ من عنده علم من المجوس‏؟‏ فوثب عبد الرحمن بن عوف، فقال‏:‏ أشهد باللّه على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لسمعته يقول‏:‏ ‏"‏إنما المجوس طائفة من أهل الكتاب، فاحملوهم على ما تحملون عليه من أهل الكتاب‏"‏، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى الشافعي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا سفيان عن سعيد بن المرزبان عن نصر ابن عاصم، قال‏:‏ قال فروة بن نوفل‏:‏ علامَ تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب‏؟‏ فقام إليه المستورد، فأخذ بلبته، وقال‏:‏ يا عدو الله تطعن على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى أمير المؤمنين - يعني عليًا - وقد أخذوا منهم الجزية، فذهب به إلى القصر، فخرج عليهم علي، وقال‏:‏ أنا أعلم الناس بالمجوس، كان لهم علم يعلمونه، وكتاب يدرسونه، وأن ملكهم سكر، فوقع على ابنته، أو أمه، فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما صحا أرادوا أن يقيموا عليه الحد، فامتنع منهم فدعا أهل مملكته، فقال‏:‏ تعلمون دينًا خيرًا من دين آدم، وقد كان ينكح بنيه من بناته‏؟‏ فإنا على دين آدم، وما يرغب بكم عن دينه‏؟‏ فبايعوه، وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم، فأصبحوا، وقد أسري على كتابهم، فرفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم أهل الكتاب، وقد أخذ رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأبو بكر، وعمر منهم الجزية، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ وسعيد بن المرزبان مجروح، قال يحيى القطان‏:‏ لا أستحل أروى عنه، وقال ابن معين‏:‏ ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وقال الفلاس‏:‏ متروك الحديث، وقال أبو أسامة‏:‏ كان ثقة، وقال أبو زرعة‏:‏ هو مدلس، انتهى‏.‏ ومن طريق الشافعي روى البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏، وقال‏:‏ أخطأ ابن عيينة في قوله‏:‏ نصر بن عاصم، وإنما هو عيسى بن عاصم، هكذا رواه ابن فضيل، والفضل بن موسى عن سعيد بن المرزبان عن عيسى بن عاصم، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة‏:‏ كنت أتوهم أن الخطأ من الشافعي، فوجدت غيره تابعه، فعلمت أن الخطأ من ابن عيينة ثم أسند البيهقي عن أبي داود، وأبي زرعة أنهما قالا‏:‏ ما علمنا للشافعي حديثًا أخطأ فيه، واللّه أعلم‏.‏

قوله‏:‏ روي أن أبا بكر رضي اللّه عنه استرق نسوان بني حنيفة وصبيانهم، لما ارتدوا، وقسمهم بين الغانمين، قلت‏:‏ روى الواقدي في ‏"‏كتاب الردة‏"‏ له‏:‏ حدثني عبد العزيز بن أنس الطفري عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، فذكر وقعة اليمامة، وهي قصة مسيلمة الكذاب، وأصحابه بني حنيفة بطولها، وفيها‏:‏ أن أبا بكر رضي اللّه عنه أرسل إليهم خالد بن الوليد في جماعة من المسلمين، فقتلهم، وقتل مسيلمة، وانهزم الباقون، فتحصنوا في الحصون، وقتل من المسلمين جماعة، منهم أبو دجانة الأنصاري، وجرح منهم خلق كثير، وكانت مقتلة عظيمة، إلى أن قال‏:‏ وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، قال‏:‏ ثم إن خالد ابن الوليد صالحهم على أن يأخذ منهم الصفراء، والبيضاء، والكراع، والسلاح، ونصف السبي، ثم دخل حصونهم صلحًا، فأخرج السلاح، والكراع، والأموال، والسبي، فجمع السلاح على حدة، والكراع على حدة، والدراهم والدنانير على حدة، ثم قسم السبي قسمين، وأقرع على القسمين، فخرج سهمه على أحدهما، وفيه مكتوب‏:‏ للّه، ثم جزأ الذي صار له من السبي على خمسة أجزاء، وكتب على كل سهم منها‏:‏ للّه، وجزأ الكراع هكذا، ووزن الفضة والذهب، فعزل الخمس من ذلك كله، فقسم على الناس أربعة أخماس، وأسهم للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا، وعزل الخمس حتى قدم به على أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، قال‏:‏ وحدثني ابن أبي سبرة عن ربيح ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، قال‏:‏ استعمل خالد بن الوليد على الخمس أبا نائلة، ففرق منه أبو بكر في مواضع الخمس ما فرق، قال‏:‏ وحدثني أبو الزناد عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، قالت‏:‏ قد رأيت أم محمد بن علي بن أبي طالب - وكانت من سبي بني حنيفة - فلذلك سمته الحنفية، وسمى ابنها المذكور محمد بن الحنفية، قال‏:‏ وحدثني عبد اللّه بن نافع عن أبيه، قال‏:‏ كانت أم زيد بن عبد اللّه بن عمر من ذلك السبي، انتهى‏.‏

- أثر آخر للخصم‏:‏ رواه الواقدي أيضًا في الكتاب المذكور، حدثنا معمر عن الزهري، فذكر قصة إسلام أهل حضرموت، ويسمون أهل كندة، وأنه وفد على النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ منهم ثمانية عشر رجلًا أحدهم الأشعث بن قيس، وأنهم سألوا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يستعمل عليهم رجلًا منهم، فاستعمل عليهم زياد بن لبيد البياضي، وكتب معه كتابًا في فرائض الصدقات، وصار معهم عاملًا على حضرموت، فلما توفي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وولي أبو بكر أرسل إلى زياد بكتاب يعلمه بذلك، ويوصيه بالمسلمين، ويسألهم أن يبايعوه، فقرأ زياد عليهم الكتاب، فنكصوا عن البيعة، وارتدوا، وممن نكص عن البيعة الأشعث، إلا أنه لم يرتد، فصاح زياد بن لبيد بأصحابه المسلمين، فاجتمعوا إليه، ووقع بينهم قتال شديد في ذلك اليوم، قال‏:‏ وحدثني جرير بن سليم الزرقي عن عثمان بن صفوان عن ابن أبي هند عن أبيه أبي هند، قال‏:‏ برز يومئذ منهم رجل فبرزت إليه، وكان شجاعًا، قال‏:‏ فتناولنا بالرمحين معظم النهار، فلم يظفر أحدنا بصاحبه، ثم صرنا إلى السيفين بقية النهار، فلم يقدر أحدنا على الآخر، ونحن فارسان، فلما أسلموا تفرقوا، وتوجه زياد إلى بيته، بعد أن بعث عيونًا في غرتهم، فجاءه واحد منهم، فأخبره بغرة منهم، فسار إليهم ليلًا في مائة من أصحابه، فإذا هم هدأوا وناموا، فأغار عليهم، فقتلهم، وذبح ملوكهم وأشرافهم، وبعث إلى أبي بكر يعلمه بذلك، فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية، وكان عاملًا على صنعاء، استعمله النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عليها، أن يسير إلى زياد بمن حضره من المسلمين، فلما قدم المهاجر على زياد اشتد أمرهما، وحاصرا النجير أيامًا حصارًا شديدًا، فلما جهدهم الحصار، قال الأشعث بن قيس‏:‏ واللّه إن الموت بالسيف لأهون من الموت بالجوع، فدعوني أنزل إلى هؤلاء، فآخذ لي ولكم الأمان منهم، فقالوا له‏:‏ افعل، وأرسل الأشعث إلى زياد يسأله الأمان، وأجابه، فنزل إليه، فأراد زياد قتله، فقال له الأشعث‏:‏ لا تقتلني، وابعث لي إلى أبي بكر، يرى فيّ رأيه، فإنه يكره قتل مثلي، وأنا أفتح لك النجير، فآمنه زياد على نفسه، وأهله، وماله، وفتح له الأشعث النجير، ودخل زياد إلى النجير، فأخرج من مقاتلتهم خلقًا كثيرًا، فعمد إلى أشرافهم، وكانوا سبعمائة رجل، فضرب أعناقهم في صعيد واحد، وترك جثثهم للسباع، لم يوار منها شيئًا، وسبى من مقاتليهم ثمانين رجلًا، وأخذ الذرية والنساء، فعزلهم على حدة، وبعث زياد بالجميع إلى أبي بكر، وأرسل معهم الأشعث بن قيس في وثاق من حديد، فلما دخل الأشعث على أبي بكر قال له أبو بكر‏:‏ أنت الذي فعلت كذا وكذا، وفعلت كذا وكذا‏؟‏ يعدد له ذنوبه، فقال له الأشعث‏:‏ يا خليفة رسول اللّه، دع عنك ما مضى، واستقبل الأمور إذا أقبلت، فواللّه يا خليفة رسول اللّه ما كفرت بعد إسلامي، ولكن شححت بمالي، فقال له أبو بكر‏:‏ ألست الذي تقول كذا وكذا، وتقول كذا وكذا‏؟‏ فقال الأشعث‏:‏ نعم، كل ذلك كان، ولكن يا خليفة رسول اللّه قد تبت مما صنعت، ورجعت إلى ما خرجت منه، فأطلق سراحي، واستبقني لحربك، وزوجني أختك، فأطلقه أبو بكر، وقبل توبته، وزوجه أخته أم فروة، بنت أبي قحافة، قال‏:‏ وقسم أبو بكر سبي النجير خمسة أخماس، ففرق الخمس في الناس، وترك أربعة أخماس، قال‏:‏ وقدم جماعة من أهل النجير يطلبون أن يفادوا سبيهم، وقالوا‏:‏ واللّه يا خليفة رسول اللّه ما رجعنا عن الإِسلام، ولكن شححنا بأموالنا، وقد رجع من وراءنا إلى ما خرجوا منه، وبايعوا لك راضين، فقال‏:‏ بعد ماذا‏؟‏ بعد أن وطئتكم بالسيف، قال الواقدي‏:‏ وحدثني ربيعة بن عثمان عن مسلم بن جندب، قال‏:‏ لما كلم الوفد أبا بكر أن يفادوا أسراهم، أجابوا إلى ذلك، وخطب الناس على المنبر‏:‏ أيها الناس، ردوا على هؤلاء القوم أسراهم، لا يحل لأحد يؤمن باللّه أن يغيب أحدًا منهم، وقد جعلنا الفداء على كل رأس منهم أربعمائة درهم، قال‏:‏ فجمع أبو بكر رضي اللّه عنه ما تحصل من ذلك، مع ما استخرجه زياد من حصن النجير من الأموال، فجعله مغنمًا، انتهى‏.‏

- أثر آخر يشهد لمذهبنا‏:‏ روى الواقدي في ‏"‏كتاب الردة‏"‏ أيضًا حدثنا عبد اللّه بن زيد ابن أسلم عن أبيه عن جده، فذكر قصة إسلام أهل دبا، وأزد عمان، وأن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بعث عليهم حذيفة بن اليمان مصدقًا، وكتب معه فرائض الصدقات، قال‏:‏ فلما توفى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ منعوا الصدقة، وارتدوا، فدعاهم إلى التوبة، وأسمعوه شتم النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال لهم حذيفة‏:‏ أسمعوني في أبي وأمي، ولا تسمعوني في النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأبوا إلا ذلك، فكتب حذيفة إلى أبو بكر يخبره بذلك، فاغتاظ غيظًا شديدًا، وأرسل إليهم عكرمة بن أبي جهل في نحو ألفين من المسلمين، فقاتلوهم حتى هزمهم ودخلوا مدينة دبا فتحصنوا فيها، وحاصرهم المسلمون نحو شهر، فلما جهدهم الحصار، طلبوا الصلح، فشرط عليهم حذيفة أن يخرجوا من المدينة عزلًا، من غير سلاح، ففعلوا، ودخل المسلمون حصنهم، فقتل عكرمة من أشرافهم مائة رجل، وسبى ذراريهم، وأقام عكرمة بدبا عاملًا عليها لأبي بكر، وقدم حذيفة على أبي بكر بالسبي، وكانوا سبعمائة نفر، منهم ثلثمائة مقاتل، وأربعمائة من الذرية والنساء، فيهم أبو المهلب أبو صفرة غلام لم يبلغ الحلم، فسجنهم أبو بكر في دار رملة بنت الحارث، واستشار فيهم، فكان رأي المهاجرين قتلهم، أو تفديتهم بإِغلاء الفداء، وكان رأي عمر أن لا قتل عليهم، ولا فداء، فلم يزالوا محبوسين حتى توفي أبو بكر، فلما ولي عمر نظر في ذلك، فقال لا سبي في الإِسلام، وأرسلهم بغير فداء، وقال‏:‏ هم أحرار حيث أدركتموهم، مختصر، وقد يقال‏:‏ إن عمر لم يتحقق ردتهم، يدل على ذلك في القصة أن أبا بكر لما استشار فيهم، قال له عمر‏:‏ يا خليفة رسول اللّه إنهم قوم مؤمنون، وإنما شحوا بأموالهم، قال‏:‏ والقوم يقولون‏:‏ واللّه ما رجعنا عن الإِسلام، وإنما شححنا بالمال، فأبى أبو بكر أن يدعهم بهذا القول، ولم يزالوا، الحديث‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ حديث معاذ ‏"‏خذ من كل حالم وحالمة دينارًا‏"‏ تقدم في ‏"‏الحديث الثاني‏"‏‏.‏ قوله‏:‏ إن عثمان لم يوظف الجزية على فقير غير معتمل، وكان بمحضر من الصحابة، قلت‏:‏ المراد بعثمان عثمان بن حنيف، والذي تقدم عنه أنه وضع عليهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر، وروى ابن زنجويه في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ حدثنا الهيثم بن عدي عن عمر بن نافع حدثني أبو بكر العبسي، صلة بن زفر، قال‏:‏ أبصر عمر شيخًا كبيرًا من أهل الذمة يسأل، فقال له‏:‏ مالك‏؟‏ قال‏:‏ ليس لي مال، وأن الجزية تؤخذ مني، فقال له عمر‏:‏ ما أنصفناك، أكلنا شيبتك، ثم نأخذ منك الجزية، ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير، انتهى‏.‏ - الحديث الخامس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏ليس على مسلم جزية‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏الخراج‏"‏، والترمذي ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الخراج - باب في الذمي يسلم في بعض السنة هل عليه جزية‏"‏ ص 77 - ج 2، وعند الترمذي في ‏"‏الزكاة - باب ما جاء ليس على المسلمين جزية‏"‏ ص 92 - ج 1‏.‏‏]‏ في ‏"‏الزكاة‏"‏ عن جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ليس على مسلم جزية‏"‏، انتهى‏.‏ قال أبو داود‏:‏ وسئل سفيان الثوري عن هذا، فقال‏:‏ يعني إذا أسلم فلا جزية عليه، انتهى‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ وقد روى قابوس عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الوكالة‏"‏ ص 490 عن سفيان، وأبي كدينة عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس مرفوعًا، وعن سفيان، وزهير عن قابوس عن أبيه مرسلًا‏]‏ في ‏"‏الوكالة‏"‏، وسكت عنه، قلت‏:‏ وقد ورد باللفظ الذي فسره به سفيان، قال الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب الخطيب ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا عمر بن يزيد عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏من أسلم فلا جزية عليه‏"‏، انتهى‏.‏ وأعل ابن القطان حديث السنن - في كتابه - بقابوس، فقال‏:‏ وقابوس عندهم ضعيف، وربما ترك بعضهم حديثه، وكان قد افترى على رجل، فحد، فترك لذلك، انتهى كلامه‏.‏